محمد عباس

زهرة - أخت

توفى والدينا بعد ثلاث سنوات، في الشهر ذاته، على إختفاء محمد جراء المرض الذي صابهما من كثر حزنهما على إختفاء محمد. لم يتوقف والدي من البحث عن محمد وحزنوا كثيراً عليه. إذ كنت أرى والدي يبكي من الحرقة، ولاحقاً مرض كثيراً وأجرى عملية وأصيب بجلطة وتوفي.

بعد حادثة أخي، صار لدي خوف على أولادي، وبنتي التي تريد الدرس في معهد لتعلم التمريض، أخاف عليها أن تختطف إذا بعتها، وإذا تأخرت قليلاً أقلق.

زهرة - زوجة

كان اختفاءه صدمة قوية وحرقة على قلوبنا. لقد انحرم أولادي من والدهم وإنحرمنا من الكثير من الراحة والسعادة. اشتغلت كثيراً لتأمين الحياة لي ولأولادي.و بعد فترة مرضت، ولم يكن هناك أحد يساعدنا. لم نكف عن البحث عنه، وكذب علينا الكثير من الناس قالو لنا أنهم يعرفون مكانه. وكنا نذهب ونبحث عنه في سوريا، لأن الكثيرون قالو لنا أنه في سوريا في سجن في حلب.
حتى أنه أتى أحد الأشخاص وأخذ المال منا وأعطانا بطاقة زيارة لإحدى السجون السورية التي إكتشفنا بعده بأنها مزورة.

زهرة - أخت

ما أذكر أنه وأثناء تواجد محمد في لبنان، كثيراً ما كان يجلس مع والدنا ويتحدثان مطولا.
لقد ترك اختفاء محمد أثراً عميقاً على أهلي فهو الإبن البكر. لطالما خرجت أمي للبحث عنه وأبي وقع أسير المرض لشدة انزعاجه. في بادئ الأمر كان يغمى عل والدي دون سبب، وتبع ذلك شلل نصفي على الجهة اليمنى ومن ثم شلل آخر على الجهة اليسرى، وبقي سبعة أشهر في الفراش لا يقدر على الحركة حتى وافته المنية بعد سنين من المرض وكل ذلك بسبب اختفاء أخي. أما زوجته وأولاده قد عاشوا بحرمان وأسى كبيرين، فإضطرت بناته أن تترك المدرسة من أجل العمل وتأمين لقمة العيش. كما انحرمن من حنان والدهن ولم يستطعن أن يعيشوا الطفولة التي يستحقنها.
أشعر بغصة وبقهر. محمد لم يعش حياته كما أراد ولم يرَ بناته وهن يتزوجن. لا أعلم إن كان حياً أو ميتاً حتى. لقد انحرمنا منه لـ37 عاما وان شاء الله إن عاد، فستعود الأشياء الجميلة وسنعوّض المدة التي فُقدت وأتمنى أن يعود لبناته...واذا لم يعد، أحب أن يبقى محمد في قلوبنا كذكرة جميلة.
أتمنى أن يكون هناك تعويض لزوجته وبناته، وأن يستمر العمل على هذه القضية ويجب أن تبقى هذه القضية مفتوحة دائماً ويجب أن لا تموت.