كامل حسون

سونيا - ابنة

اتألم كثيراً لعدم علمنا بمصيره .. ولو انه كان ميتاً، فيا ريتني اعلم وابني له قبرا ازوره كلما ارغب .. ولكن هذه الحال اصعب بكثير لانه لا زال في ذاكرتنا ولا نعلم ماذا حدث له ! أأكلته الحيوانات ؟ اضرب حتى الموت وقتل ؟ لا نعلم شيئاً !

لم يغب عن ذاكرتي ونفسي مطلقاً .. احبه كثيراً

مطلبي معرفة مصير والدي وماذا حدث له !

سونيا - ابنة

اذكره كثيرا عندما كان يحتضنني اثناء وقوفي على الشرفة واذكر كم كان يحب ان يشتري لنا الثياب الجديدة الفاخرة. وقد كان يحرص على ان يأخذنا ويفسّحنا في المناطق. والدتي حملت بثلاثة بنات وخافت ان يؤثر ذلك نفسيا على والدي لكنه لم يخجل ولم يحزن بل كان فخوراً بذلك.

آخر ما اذكره عن والدي عندما اصطحب اختي فاتن الى السوبرماركت في ذلك اليوم المشؤوم، وعادا سوياً الى المنزل ولكنه نسي ان يجلب شاي وبعدها عاد الى السوبرماركت .. وكانت تلك المرة الاخيرة التي رأيتها فيها.

سونيا - ابنة

اضطرت العائلة بأكملها لترك المنزل الذي وفره الوالد كونه كان غالي الايجار وفي منطقة مرموقة نسبياً. والوالدة اضطرت بسبب غياب المعيل الرئيسي، أن تعمل في مجالات عدة ومنها عاملة في مدرسة من أجل ان تعيل العائلة.

التأثير النفسي طال الجميع ومنهم والده الذي ترك مهنته المزدهرة في الثياب بسبب حزنه الشديد على ولده البكر .. وتبرّع بأغلب ما يملك في المحل من ثياب للمحتاجين وما شابه. أما الوالدة فبقيت أكثر من 10 سنوات تلبس الاسود حزناً عليه ولا تحضر الافراح والمناسبات. وأمّي كذلك بقيت 11 سنة تلبس السواد وكذلك أختي.

قانونياً، اضطرت والدتي الى استخراج جواز سفر لها ولنا الاولاد لكن السلطات لم تقبل كون والدنا غير موجود لانجاز المعاملة .. ولم يقبلوا بذلك الا بعد اصدار شهادة وفاة للوالد المفقود فقد كان هذا من أمرّ واصعب الاشياء على والدتي وعلى بيت جدي.

أما أنا و إخوتيفقد عانينا كثيراً وخصوصا عندما انتقلنا للسكن في منزل جديد فقد أحسسنا بفقدان الوالد .. وكذلك مررنا بمرحلة الطفولة والمراهقة دون الاب الحنون ولم نتمكن من الخروج مع ابينا كسائر الاولاد فكان هذا حرمانا كبيرا.