عصام فيتروني

ايمان - أخت

أثر إختفاء عصام كثيراً على والدتي. إذ بقيت تبحث عنه لسنوات، ولكن دون جدوى، وخلال تلك السنوات، تضاربت المعلومات عن مصير عصام. فقد قيل لوالدتي أنه محتجز في منطقة الكرنتينا وقيل لها أيضاً أنه موجود داخل الأرضي الإسرائيلية، ولكن لم يكن هناك أدلة تكفي للتأكد من صحة هذه المعلومات. كما أنها تلقت الكثير من الوعود وسمعت كلام كثير يفضي الى عودته، ولكن في النهاية عصام لم يعود والخمسة عشر شاب الذين خُطفوا في ذات اليوم أيضاً لم يعود أحداً منهم ولم يتبين أثر أحد منهم. كما ان والدتي قد تواصلت كثيراً مع الصليب الأحمر, فقد ذهبت جماعة قييمين من الصليب الأحمر(الدولي) والتقت مع قيادات من الأحزاب وجرى طرح موضوع المخطوفين و تلقت جماعة الصليب الأحمر وعود عدة تفضي عن اعادة المخطوفين لأهلهم، ولكن في النهاية إما كان يحصل شيء ما يمنع تنفيذ هذه الوعود وإما كانت هذه الوعود وعود كاذبة.
كما أن بعض الأشخاص عرضوا على والدتي فكرة أن نخطف أشخاص تكون تابعة أو موالية لالمليشيا ونطالب بتبديلهم بشقيقي، ولكن والدتي رفضت رفضاً قاطعاً قائلة: "ما ذنب أمهاتهم أن نحرق قلبهن مثلما حرقوا قلبنا؟!".
أمي لا زلت إلى يومنا هذا ترفض فكرة أن عصام قد توفى، فهي لا تزال تقول "قلبي يقول لي أن عصام ما زال حياً" حتى أنها أحياناً تستيقظ في وسط الليل وتلبس ثيابها وتغادر البيت لتبحث عنه لأنها تكون غير قادرة على النظر إلى حيطان البيت. ولهذا السبب غيّرنا مكان سكننا ونقلنا الى بيت آخر الذي هي فيه الآن.
شقيقي الأصغر اسمه هيثم. عندما تناديه والدتي عادةّ ما تناديه بإسم عصام عوضاً عن هيثم. وكلما انفتح حديث ما عن عصام تعود أمي وتكتئب وكأنه فّقد اليوم أو بالأمس. كما أنها بقيت لفترة طويلة لا تسمح لأحد من أشقائه بإرتداء أي من ملابسه فإذا ارتدى شقيقي الأكبر سترة عصام كانت تمنعه قائلة: "هذه من ريحة عصام. ممنوع على أحد أن يرتدي ثيابه". فأصبحت أنا وأشقائي نٌبعد أي شيء لعصام عن مرأى والدتي لأننا كنا نرى كم أن ذلك كان يؤثر بها سلبياً، فكنا نحاول أن نخبأ أغراضه لكي لا تراها.
كثيراً ما كنت وأشقائي نرى أمي فننسى شقيقنا عصام لبعض الوقت وذلك بسبب رؤية دموعها، فكنا من حزننا عليها وقهرنا عليها ننسى أنه لدينا شقيق مفقود وكل ما نفكر به هو كيفية التمويه عن أمي.